هو (إنسان) يشبه السلام:
صاف مثل ضحكة والده الراحل
كأنهما مياه النبع..
رزين مثل «من ثقلت موازينه»..
حكيم كالصمت عندما يكسر حجارة السفهاء
ووقور كصوت خاشع في الملكوت السماوي.
أما تواضعه وبساطته فيشبهان الأطفال في براءتهم الأولى..
فيما إذا هو أطل على المشهد، وهذا شيء نادر
فإنه يبدو أنيقا مثل مشهد المكان الذي ينتظر وصول عاشقين لما يلتقيا بعد!
يقولون عنه إنه رمز النادي الأهلي
يصفونه بقلب الأهلي النابض
ويؤكدون أنه داعمه الأول
وأشياء كثيرة من هذا القبيل
أي عندما يضعونه مع الأهلي كاثنين
أما أنا فأقول إن خالد بن عبدالله
هو الأهلي ذاته.. مثلما الأهلي هو خالد بن عبدالله
هنا العلاقة
تعانقت
اتحدت
وامتزجت
فانصهرت
وصارا أو (تحولا)
أي الأهلي وخالد
واحدا لا اثنين!
هل قلت «العلاقة»؟
إذن دعونا نتساءل:
كيف نبتت علاقة «أبوفيصل»
بالنادي الأهلي؟
وهل كانت مثل علاقة الآخرين بأنديتهم
أولئك الذين هبطوا إلى الشوارع (ليلا)
ثم ابتعدوا فجأة؟
علاقة خالد بالأهلي
ليست علاقة ضوء أو تجارة أو سلطة
إنها علاقة عشق عمرها نصف قرن أو أكثر
لا ليست عشقا
بل هي
حب
غرام
هيام
وامتلاء بالنور
ولهذا لا يشاهد الأمير نزالات الأهلي مباشرة
فله قلب من فرط ما هو عاشق ومتيم بالأخضر
فإنه قد يسكت مغشيا عليه لو انكسر الأهلي
قلت عنه من قبل إنه يقف على متر من ظل..
لكن ضوءه يتجاوز المسافات
ويبذر العطاء في الأراضي الجدباء
فيحيلها اخضرارا من نور!
وإذ أحتفي به اليوم،
فلأن غرسه الجميل أثمر وظهرت براعمه الندية
فله المباركة أولا بعودة البطل وانتزاع الدوري
الذي سلب من الأهلي كثيرا كما يقول
وهو مؤشر على استمرار الأهلي وبقائه ملكا للكرة الجميلة في بلادي
وملكا للأناقة والحضارة والثقافة والرؤية الصحيحة في الوسط الرياضي العليل!
وليس غريبا ولا عجيبا أن يكون الأهلي كذلك لأن من يقوده
هو رجل (جنتلمان) تجمعت فيه كل القيم النبيلة من حكمة
وخير وجمال وفروسية وأدب وأخلاق.
هو مهندس وصانع هذه الانتصارات
بخبرته وحنكته وصبره على رعاية حقله
وتعهده بالسقاية والمتابعة إلى أن أخرج البلد الطيب نباته بإذن ربه.
فكل ما حدث هو نتاج فكر رياضي متقدم كان ينمو في الظل
ويتكون في الهامش حيث سكون وصمت الأمير وطمأنينته الواثقة
وبعد أن تتشكل فكرته الخلاقة
وتختمر في ذهنه يلقي بها
في الواجهة عملا واضحا.
ليست كأس الدوري جديدة ولا غريبة على (الأهلي)؛
فالأهلي والبطولة عاشقان قديمان حميمان،
كما أنني لا أحتفي اليوم (بالأمير خالد) من هذا الجانب؛
إنما لأن الجمال العظيم تعافى
وعاد إلى الساحة بخضرته الصافية البهية
وفنه الذي ينتزعنا من كل شيء
ويجرنا من أهدابنا طواعية إلى الميدان
كي نوقن أن (الأخضر) دائما هو سيد الألوان
واللائق بالتربع على عرشها
فهو أكثرها دهشة، فتنة، وسحرا وجاذبية.
وإذا كان الأهلي جزءا من تاريخ جدة والحجاز
بل جزءا مهم وكبير من تكوينهما ومعلم من معالمهما
فإن «خالد بن عبدالله» هو من يدل عليهما
كما بإمكانهما، جدة والأهلي، أن تدلا عليه.
(*) كاتب من أسرة «عكاظ»